Wednesday, August 31, 2011

غيمٌ على شاكلة كلام يبكي




صاحِبَيْن؛ أنا والغيم. كلانا مُتواترٌ، ومملوء -إلى الحافة- بنظرات متورّمة وأحشاء واسعة. كلانا غريب وموجوع بالريح، حتى لا ندري أيُّنا يحوّم حول الكلام وأينا مزروع في قبور قاسية من الجمال..كلانا،واحدٌ ووحيد.

الغيم كذّابٌ..قدرتُه على التجريد، مكّنته من نبذ الاستعارات وتفتيت الأناشيد، مطوّحا برأسي في دوائر الخيبة وإخفاء البكاء في الطين، طينيّة بكائي تشحّ كلما اقتربتُ من الكون وبدأْتُ في سرد نفسي على المارة وبائعات الهوى:
غيمة كنتُ ذات يوم رائقٍ، غير أني نسيتُ حبيباتي، ومشيتُ في سكة دائرية. كان في وسعي أن أطير، لكنّني فضّلتُ أن أحبو؛ لأكمل الدائرة؛ ربما أكتشف منبت الألم فأنزعه بأسناني وأتخفّف من حملي القديم..يالهذا الواحد المنشطر داخلي إلى واحد..يالهذه المتاهة الغائرة في الجمال..أتذكر أنني غيمة –فقط- حين يلامسني الشجر ويدغدغني خريفه المفتت، فتتساقط ندفٌ تشبهني في الهزيمة، أستطيع في هذه اللحظة أن أُفرغَ ما ببطني من الماء لأغسل ظلي من اتساخه بالبراح..أنا المتّسخٌ جدا بالبراح لا أعرف الشوق، ولستُ مناسبا أبدا للرحيل، أخاف أن أتهيّج من الالتصاق بالجمال، أخاف أكثر من البعد؛ أبهتُ وأنفصل وأنفتح على كل الشوارع التي لم أطأها..
غيمة كنتُ، لكنّني أموت الآن

Wednesday, August 24, 2011

موت


هنا موتٌ يتمرّغ في منفاه
يعلّق أجساده على مشجب الكون
الأجساد تُنقّط الوقت على بلاط العدم
هنا إله على كرسيٍ متحرك
منجله يصدأ من تخثر الأسئلة على شفرته
تسع أطوار للإنسان
وطور وواحد لبقية الآلهة

Sunday, August 21, 2011

مما تركه التداعي على مقعده بعد مغادرته مباشرة

هي لحظةٌ
تأتي ولا تأتي
فدعنا -يا فراقُ- لنقرأ السطر الأخير من القصيدة
وامتحنّا بعدها بالريح أو بالله

..كان الوجود مرتبا في جملة ممهورة بصداك يامحمودُ
كنا صاحبين
فأنت أنت
على سرير للغريبة تشرب النعناع، تختار الهوى -من بين ما يأتيك دوما لا تريد سوى الهوى- وتطل من قمر قصيٍ شاحب
وأنا
قليل من رفات الوقت
أنزفه وينزفني، فنشرب نخبنا ونضلّ بالتجريب

..كان الجدار سميّ معناه
وكنت رفيقه وأناه
"جرح في ذراع الحاضر العبثي"
مشمولا بلون اللوز لا بشذاه
والمعنى صديق خائب لا يشتهيك سوى على هدي البصيرة
يومها "تعطي الحكاية سيرة شخصية..فالذكريات.."
وتاهت الكلمات في غور من الأبد الرجيم
وأنت أنت
وما سواك مكمّل لك فيك

..كان اعتذارك قبلة المنفى وظل البيت
والكأس انكسارُ دائم
لتموت
لا لتموت فينا
بل لتنقل فكرة الأحياء للموتى فنعرفهم
فنحيا فيهمو
فنراك بستانا
ومتنا كاملا لنشيد عمر لا يضلّ ويكتوي بدموع أمك
-قد أسرّت لي بأن الليل محفور على أيدي نساء قد مررن بغصنك العالي ولم يلقوك-
ألقاك غضّا مثلما بشّرتني
في ليلة ستمرّ
كالنيل المُعدّ لموتك الآتي
وموتي المستمرّ
أراك وجها ناصعا،
نجما يمانيا،
وفنجانًا يفوح بقهوة
ستشكل الحرف الخؤون
وأول المعنى
وآخر أزرق الشال المطرز بالحياة المستعدة للنزال

..كان المجاز يعدّ عدته لتابوت التمنّي
غير أنك لم تخنه
وخنتنا
ورحلت يامحمود
قل
هي لحظة
تأتي
ولا تأتي
فدعنا يافراق
وخلّنا نرتاح للّقيا
فنعرف أننا نبغي القصيدة
فيك
حتى تأتنا فرحا جديدا
آه يامحمود

Thursday, August 18, 2011

في تمام الألوهة


في تمام الألوهة
(أو لا يبقى سواي بعد ذلك)




قمرٌ تقادم في مزامير السماء،

مُدلدلا ساقيه نحوي، ناضحا بالنور والنسيان.

ما لغةٌ يهمهما النوى إلا وزخرفة تبعثر فوقها ماء السوّاد.

..إليّ ترتيل البراح سينتهي، وأنا الوحيدُ

سكبْتُ أرضي فوق ظلي وانفلتٌّ

وراقصتني الريح في سكك التراب.

نزعْتُ عنّي آخر القرآن

منتشيا بخمر الممكنات،

أودّع الآتين،

أتركهم ورائي

أسكنُ الجدران (تهوي فوق عينيّ المتاحة خارج الملكوت)

من يتلو ضلوعي؟

من يجيء

بأنضج الأرباب،

ضارٍ كالزهور،

 وطازجٌ كالقلب ،

 سبحانٌ يليق بلعبة الشطرنج؟

..وجهي، حفنة الأضداد في جوقات أهل الذكر

(أهلي يعرفون القفزة الأزلية الأولى لصدري في الموائد إن تجلّت في الطواسين الطليقة)

معصمي، السيمياء

(أصحابي يلومون البصيرة أن رأيتُ الله أثداء البنات الغافلات عن المفاتن)

ظهريَ، الشعراء ضيقةٌ عليهم هسهسات الإرتجال

(يُرنّم العود الألوهة بالصبا والرست وبالبيات)

كفّي،ليلة المعراج

(أبي يؤثث للمثاني السبعة الأحلامَ والشجر المنوّر بالذهاب)

الشايُ في المقهى المزقزق بالزبائن، جبهتي

جلدي، برابرةٌ وأسمال وأكداس من الإنسان..

..هذي عُدّتي:

سفرٌ، وتيهٌ، وانفلات كامل من لجّة التاريخ

لا يبقى سواي...بعد ذلك!

**

قال الذين تفرّقوا:

الله أو هذا الشقي!

وهلوَسوا ماضيهمو،

خلقوا جنائز من تراب الوحي

أو بعض المطايا للملائكة القريبة من دمي،

"فاترينة" للأنبياء

اختر نبيك:

-بينهم من يبرئ الأعمى ويحيي الميْتَ

-آخر منهمو من يفلق الأحجار أنهارا، يشق البحر

-....................

-.....................

-............................

-................................

فاختر ما تشاءُ

ودلّهم

حتى يقول الوقت كلمته:

تتك تك تك تتك

ثم..

لا يبقى سواي...بعد ذلك!

**

الكأسُ خالصة لوجهي،

تشرب التنزيل من قبل الكلام

فأحشد الجمهور للتصفيق،

ثم أميتهم و...

ثم..

لا يبقى سواي..بعد ذلك!

**

ماذا لدي:

النهرُ،

أفخاذُ الحسانِ،

قميص بوذا،

هيجلُ،

الكنديّ،

سقراط،

ابن رشد،

كنيسة العذراء،

كورنيش المعادي،

عين جالوت،

الكسالى،

ساعة الفجر الشتائي،

ابن آوى،

قطة روميّة،

طبق البطاطس،

جامع السلطان،

تذكرة الترام،

وصوت "ذكرى"

ثم..

لا يبقى سواي...بعد ذلك!

**

عدمٌ يميد،

يلفّ من فوقي

وأسفليَ الدوائر

لا تدور،

فقط تحاول –باختراع فضيلة-

تأثيث ما يبقى ليبقى

أو ليذهب

لم أعد أهتمّ!

كانت وحشتي:آنست نارا

غربتي: هذا الوجود

ثم لا يبقى سواي...رغم ذلك!

Thursday, August 11, 2011

ينكفئون..إلى أعلى






(1)

الأرض نواقيسٌ،
ووجوههمو تتقدم في الضوء
أزلزلة من طميٍ يتناسل، تخلقهم؟

(2)

ليسوا أعضاء تتمزّقُ في الكيمياء
ليسوا ميزانا لحصار الآخرة
ليسوا أعشابا ترضع من ثدي النهر
ليسوا أسماء لليل المشروخ
ليسوا أفخاذا تتكئ على بطن الله

(3)

الطمي يُسَلسِلُهم،ويقيم عليهم أهرام العزلات،
ومن يترجّل
–منهم-
عن لغة النَّوح، سيلقى العالم بالمقلوب

(4)

الوقت المهراق سيستسلم للكون سريعا
حتى يتركهم مسنونين،
فيصْلَوْن الغمد السابح في الدخّان
همو
أبوابٌ تنساها الزحمة في عنق الأرض
وجلد منزوع من جمجمة نبوية

(5)

يعوون على درج يتخثر
رغم دبيبهمو
ينكفئون إلى أعلى
حتى تتدلى السجدة
من آخر أمكنة
تعزف رمل الأرض
يدقون نواقيس الشارع
والأعناق الرثّة تحتاز السقطة..للـ
ــــأعلى

البحر لا يعرف آخر الطريق


 

أنا أول البحرِ
أوتارُ سيْلٍ تُعَطّشُ جيم الجلال
نبيذٌ تخبّ حواشيه في نبش صدر..يشابه صدري
أنا أول البحر
والزبد/الشعر..دربٌ حميم من الصمت
غرقاي ذاكرة للظلام
..أحاول أن أتبين وقع الطريق
وأسأل بحري: هل الله موجٌ؟
-بل الموج ربٌ غريبٌ سيعلي كلامك والأمنيات
-من الله..قل لي؟
-عرفْتُ التناغم عند ملامسة الجو..لكن سؤالك لا يستقيمُ معي
-ما الوجود؟
-..............
-وما أنت؟
-.......................

كنتُ -فيما مضى- أعرف البحر من جملة تغرف المطلق الآسنَ
الآن؟!
حرفٌ تقطّع وانتابه البحر..
صرْتُ
فـكان..
...فغُصّ..وزجّ الغريمان موتهما للهلاوس

فجر



قبَّلتُ فجر الصيف.
لم يكن شيء يتحرك بعد في واجهة القصور. الماء كان ميتا. ومعسكرات الظلال لم تكن تترك طريق الغابة. مشيت، موقظا الأنفاس الحية والفاترة، والجواهر نظرت، والأجنحة انطلقت بدون ضجيج.
أول مبادرة، في الدرب الضيق المليء بالاضاءات الطرية والشاحبة، جاءت من زهرة قالت لي اسمها.
ضحكت لمنظر الشلال الاشقر الذي راح يتفرع كجدائل الشعر عبر أشجار الصنوبر: في القمة الفضية عرفت الآلهة.
عندئذ رحت اكشف الحجب، الواحد بعد الآخر. في الممر عن طريق التلويح بالأيدي. في السهوب حيث أدنتها عند الديك. في المدينة الكبيرة كانت تهرب بين الأجراس والقباب، وراكضا كشحاذ على أرصفة الرخام، رحت أطردها.
في أعلى الطريق، بالقرب من غابة الغار، أحطتها بحجاباتها المتكدسة، وشعرت قليلا بجسدها الضخم. الفجر والطفل سقطا في أسفل الغابة.
عند الاستيقاظ كان الوقت ظهرا.
رامبو


Wednesday, August 10, 2011

حافة تتدلى عليك


قريبٌ من القول
أنت الذي لم تكنْه
فكانتْك أغنية للبعيد
نجومٌ مسنّدةٌ بالضياء
وقلبٌ يكفكفه الجري لكْ
وقبضٌ من الله والأنبياء
ووحيٌ -على مهلٍ- جمّلكْ
تغنّي وأنت تشدّ عيونك
تُسْقط فيها طريق المحبّين

ستذهب خلف حدود الكناية
تجتاز حسرة من يوقنون
تردّ المنام على حجر كالمرايا تراه على جُملة الليل
رمزا خفيفا

قليل من الزمن ارتاح عشبا
عليك مداراته واجتياز الرمال
-وهل كل رملٍ ينوح إليك تضلله الريح؟-
لا حافةٌ ههنا ترتجيك
ولكنها حافة تتدلى عليك
لتخسر آنك
تخسر حتى صليل المواعيد
وتعبر مثل..قريبٍ من القول
أنت الذي
لم
تكنْهُُ




إلــــه



آه إلهٌ النظريّات العظيم:ليس سوى عقب قلم رصاص،عقب مضغ مع ممحاة بالية في نهاية خربشة هائلة

سيميك

ختم على رسم





..بدفقة جمر
تهب علينا وتعُلي لنا الله
أنت المنادي وبعض المنادى،
إذا ما تمنّتك شهوة روحك
أنت السكينةُ،
ساعة أن تعتلي ما تراه
وترسم عالمك/الكأس
خمرا يضوع ببعض السماء تجرجرها في تلاوة وقتك.

وفي السنة التي لم تحُزها
تماديتَ في الأرض،
حيث الـ"هناك" نزيفٌ رجيم،
وأنت الـ"هنا"، والمدينة تعبثُ،
تبعثُ إسفلتها من رمادك.
كلُّ الدمى تتحول شجرا
كلُّ النساء تُلطخ أيامك الواقعية
-على الرغم من أنك الواقع المستحيل وأن الكواكب معطوبة إن خصفت تهاويمها الدائرية-
....
بيتوفن الغرّ يقرأ تنزيلك الشاذ،
يشربه عدما قد يؤول إليك،
بسوناتةِ الغيب والـ....
...
ماسواك جوابٌ
ودونك ماضٍ،
يحكّ الملائكة الأقربين،
يشرّع سبابة لا تشير إلى القاتم المستمر عليك،
توقّفْ!
لعشرين عاما ظللْتَ تجالسُ "وحدك" وحدك، تنتعل البشر الأشقياء،تهيل الخطى فوق حلم تعرّى
لعشرين عاما تناوبك البطء والموت والأسود المرّ
كفاك رمزٌ لرسم تقادم
والختم بالأسود المرّ مرٌّ
...
الختم كسوة آل الرواق
ومطعمهم كرمةٌ
والثياب خبالٌ
تضنّ عليه ببعض التحايا،
فيدعون ربًّا جديدًا عليك
...
أنت المنادي
أنت المنادى
أنت الــــ..............